= التعذيب والتنكيل والتهديد
ومن أمثلة ذلك:
ـ تهديد موسى عليه السلام بالسجن:
قال تعالى عن تهديد فرعون لموسى عليه السلام: {قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ} [الشعراء:29] أى: قال فرعون لموسى بثورة وغضب: لئن إتخذت إلها غيرى يا موسى ليكون معبودا لك من دوني، لأجعلنك واحدا من جملة المسجونين في سجني، فهذا شأني مع كل من يتمرد على عبادتي، ويخالف أمري..
ـ الأمر بتعذيب السحرة الذين آمنوا:
تهدد فرعون السحرة الذين آمنوا، وقال لهم في تهديده كما حكى القرآن عنه: {لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأعراف:124]، فقد جن جنون فرعون، فلجأ إلى التهديد البغيض بالعذاب والنكال، بعد أن حاول أن يتهم السحرة بالتآمر عليه وعلى الشعب مع موسى!
يقول: {لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ}، قال ابن جرير: أي: مخالفا في قطع ذلك منكم بين قطع الأيدي والأرجل، وذلك أن أقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى، ثم اليد اليسرى والرجل اليمنى -جامع البيان19/ 349 ، ثم قال: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ} أي: فلا أبقي منكم أحداً إلا أشده على خشبة حتى يموت مصلوباً -أيسر التفاسير3/105، ووكد ذلك بـ {أَجْمَعِينَ} إعلاما منه أنه غير مُسْتَبْقٍ منهم أحدا -جامع البيان19/ 349.
ـ الأمر تعذيب بني إسرائيل:
قال تعالى: {وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ} [الأعراف:127]، وهنا قال الزعماء والوجهاء من قوم فرعون وبطانته له، بعد أن أصابتهم الهزيمة والخذلان في معركة الطغيان والإيمان، قالوا له على سبيل التهييج والإثارة: أتترك موسى وقومه أحرارا آمنين في أرضك، ليفسدوا فيها بإدخال الناس في دينهم، أتتركهم أنت يعبدون رب موسى وهارون، ويتركون عبادتك وعبادة آلهتك، فيظهر للناس عجزك وعجزها، فتكون الطامة الكبرى التي بها يفسد ملكك؟!
وهذا الكلام يفصح عن أشد ألوان التآمر والتحريض، فهم يخوفونه فقدان الهيبة والسلطان بتحطيم الأوهام التي يستخدمها السلطان، لذا نراه يرد عليهم بمنطق الطغاة المستكبرين فيقول: أي: لا تخافوا ولا ترتاعوا أيها الملأ فإن قوم موسى أهون من ذلك، وسننزل بهم ما كنا نفعله معهم من قبل وهو تقتيل الأبناء، وترك النساء أحياء للخدمة والإمتهان، وإنا فوقهم غالبون كما كنا، لا يتغير شيء من حالنا، فهم الضعفاء ونحن الأقوياء، وهم الأذلة ونحن الأعزة.
وهذا هو منطق الطغاة المستكبرين يلجؤون إلى قوتهم المادية ليحموا بها آثامهم، وشهواتهم، وسلطانهم القائم على الظلم، والبطش، والمنافع الشخصية.
المصدر: موقع دعوة الأنبياء.